“عقوبة شهرية”.. سوريون يطالبون الحكومة الجديدة بحل أزمة الصرافات مع زيادة الرواتب

312

في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها سوريا، تبرز إشكالية الضغط على الصرافات مع زيادة الرواتب المقترحة بنسبة 400 بالمائة.

وتخطط الحكومة السورية الجديدة لزيادة رواتب موظفي القطاع العام بنسبة 400 في المئة، بعد استكمال الإجراءات اللازمة، متعهدة بانتظام صرفها.

حيث يتُوقع أن يرتفع الراتب الحالي، الذي يعادل حوالي 25 دولاراً، إلى 125 دولاراً، أي ما يعادل 1,500,000 ليرة سورية.

هذا التحول يثير تساؤلات حول قدرة الصرافات على استيعاب الزيادة الكبيرة، وما هي الحلول البديلة الممكنة لتخفيف الضغط على المواطنين.

أزمة التجمع أمام الصرافات
ترى هلوة الحصني، موظفة سابقة، لنورث برس، إن حل الإشكالية قد يكون بإمكانية تحديد أيام صرف الرواتب لكل فئة عمرية لتخفيف حالة الازدحام على الصرافات.

وتشير إلى أن التجمع الكبير والازدحام في نفس الوقت سيخلق مشاكل عديدة، خاصةً في ظل عدم توفر الأموال في الصرافات أحياناً.

بينما يعبر إياد قاسم الدويري، الموظف في مطار دمشق، عن استيائه من حالة الازدحام والأعطال التقنية في الصرافات، إضافةً إلى انقطاع الكهرباء.

ويقول “الدويري” لنورث برس، “نحن نتكبد يومياً مصاريف مواصلات تصل إلى 30 ألف ليرة فقط لنستلم راتباً قدره 200 ألف”.

ويضيف أنه من بين تسعة صرافات، لا يعمل سوى صراف واحد في منطقة ساحة المحافظة بدمشق، مطالباً بضرورة استقدام صرافات حديثة أو دمجها مع الصرافات الخاصة.

من جهته، يشير عادل الأرش، الموظف المتقاعد في الاتصالات، إلى أن معاناة الصرافات أصبحت قاسما ً مشتركاً بين جميع الموظفين، سواء المتقاعدين أو العاملين.

ويعبر عن استيائه بالقول: “وصلنا إلى مرحلة لا نريد فيها الراتب بسبب الازدحام والمشاكل التي نستغرق ساعات في انتظارها، خاصةً أن هناك موظفين يأتون من مناطق بعيدة”.

ويطالب الحكومة الجديدة بضرورة إيجاد حلول سريعة للتخفيف من هذه المعاناة.

ومطلع الشهر الجاري، قال وزير المالية السوري محمد أبا زيد لنورث برس، إن الحكومة ستزيد رواتب العديد من موظفي القطاع العام 400 بالمئة بعد استكمال إعادة الهيكلة الإدارية للوزارات لتعزيز الكفاءة والمساءلة.

وأضاف أن زيادة الرواتب ستأتي في إطار إعادة هيكلة الوزارات التي بدأت منذ اليوم الثاني لسقوط النظام، حيث تم اكتشاف وجود ترهل وظيفي وبناء ًعليه سيتم إعادة تقييم الكادر العامل، بحيث يُدرج الفئة الفعالة التي لديها استعداد للعمل ضمن الخطط في زيادة الرواتب الجديدة.

الراتب عقوبة شهرية
يقول الدكتور غسان إبراهيم، الاستاذ في كلية الاقتصاد بدمشق، لنورث برس، إن “الصرافات ليست كافية لتلبية احتياجات المواطنين سواء قبل أو بعد الزيادة، مما سيؤدي إلى وضع مأساوي في ما يتعلق بقدرة المواطن على استلام راتبه الشهري.”

ويضيف أن استقدام صرافات جديدة قبل الزيادة سيكون شبه مستحيلاً بسبب الظروف الاقتصادية الحالية والعقوبات المفروضة، حيث قد يستغرق الأمر من ثلاثة إلى ستة أشهر للحصول على صرافات جديدة، على حد قوله.

ويرى “إبراهيم” أنه يمكن الاعتماد على المحاسبين لتوزيع الرواتب بشكل مباشر، مشير اً إلى أن كل مؤسسة تحتوي على محاسب، مما يجعل من الممكن العودة إلى هذا الحل “بشكل مؤقت لحماية كرامة الموظف”، على حد تعبيره.

ويعتبر أن الحصول على الراتب عبر الصرافات هي “عقوبة شهرية للموظف” .

كما يقترح إمكانية اعتماد الحكومة على خريجي كليات الاقتصاد، وخاصة من قسم المحاسبة، لسد النقص في المحاسبين، مشيراً إلى وجود عدد كبير من الخريجين العاطلين عن العمل، مما يتيح فرصة لتوظيفهم، مع اقتراح إجراء مسابقة توظيف في هذا المجال.

كما نوه وزير المالية خلال اللقاء لنورث برس، إلى أنه سيتم في الأشهر المقبلة صرف الرواتب عبر تطبيق “شام كاش”، وهو سهل الاستخدام، على حد قوله.

فيما يرى خبراء أن هذا الخيار غير مناسب في الوقت الحالي، نظراً لأن التطبيق يدعم خيارات بالليرة التركية والدولار فقط، بينما راتب الموظف السوري يصُرف بالليرة.

ويضاف إلى هذه المعضلة مشاكل تقنية في الإنترنت والكهرباء وضعف البنية التحتية التي قد تزيد من تعقيد الوضع.

وطمأن الوزير في اللقاء الموظفين بشأن عدم وجود تسريح تعسفي، مشيراً إلى أن هناك لجنة قضائية تدرس ملف القطاع الخاص بالمتقاعدين العسكريين لتحديد موعد صرف رواتبهم.

وتقدر كلفة زيادة الرواتب بنحو 1.65 تريليون ليرة سورية (نحو 127 مليون دولار بسعر الصرف الحالي)، وستُمول من خزانة الدولة الحالية ومساعدات إقليمية واستثمارات جديدة والجهود الرامية إلى فك تجميد الأصول السورية الموجودة حاليا في الخارج، وفق رويترز.

وعانت سوريا من أزمة اقتصادية في السنوات القليلة الماضية ناجمة عن الصراع والعقوبات الغربية الصارمة.

نورث برس

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.