تشتكي دعاء الأحمد، وهي نازحة سورية عائدة من لبنان، حاجتها إلى مكان للسكن فيه، فهي منذ عام 2015 تعيش في مخيم بلبنان في منطقة البقاع، حيث كانوا يعملون في البساتين.
وبدأت حركة النزوح من لبنان جراء التصعيد بين إسرائيل و”حزب الله” بعد تبادل إطلاق النار عبر الحدود بين الجانبين على مدى عام تقريباً، وبالتحديد منذُ اندلاع الحرب في غزة قبل نحو عام.
ووجهت إسرائيل خلال الأيام الماضية ضربات أدت إلى مقتل عشرات عناصر وكبار قادة حزب الله بداية عبر اختراق أجهزة اللاسلكي واستهدافات وقصف جوي لمناطق عدة في لبنان، وأبرزها اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله الجمعة الماضية.
وأمس الثلاثاء، كشفت خلية الأزمة التي شكلتها الإدارة الذاتية لمتابعة شؤون النازحين العائدين من لبنان، عن وصول 7703 أشخاص إلى شمال شرقي سوريا من معبري الطبقة والتايهة.
هروب وسط القصف
تصف الأحمد لحظات خروجها من المخيم نتيجة القصف، قائلة: “الشظايا طارت علينا ونحن في خيم من نايلون وخشب، متنا احترقنا، وخرجنا من المخيم بثيابنا”.
وتضيف لنورث برس: “نمنا تحت الأشجار لكي لا تصلنا الشظايا، إلى أن وصلنا، بقينا خمسة عشر يومًا في الطرقات حتى وصلنا إلى الرقة”.
وتنحدر الأحمد من منطقة سري كانيه، لكنها لا تستطيع العودة إلى منزلها بسبب سيطرة فصائل المعارضة التابعة لتركيا على المنطقة.
وتقول: “خرجنا من مخيم عكيدية إلى منطقة برلياس، ثم إلى الحدود، نحن النساء والأطفال، بينما بقي الرجال هناك، لأنهم لا يستطيعون الدخول إلى الأراضي السورية لأنهم مطلوبون للخدمة العسكرية، والمهربون يطلبون 400 دولار أميركي عن كل شخص ليصل إلى مناطق شمال وشرق سوريا”.
احتياجات ضرورية
يتجمع اللاجئون العائدون من لبنان في مركز الرعاية الاجتماعية في الرقة، حيث يقومون بتسجيل أسمائهم للاستفادة من المساعدات التي ستقدمها الإدارة الذاتية.
وفي هذا السياق، يقول عبد الرحيم محمد، الرئيس المشارك لشؤون الاجتماعية والكادحين في الرقة، إنهم يعملون على تسجيل الأسماء كخطوة أولية لتقديم المساعدات للأشخاص الذين لديهم مسكن في الرقة أو لدى أحد معارفهم.
ويشير عبد الرحيم إلى أن القادمين الذين ليس لديهم أي مسكن أو مأوى أو أقارب يستطيعون السكن في مخيم العدنانية، مبيناً أنه “جاهز لاستقبالهم كخطوة أولية”.
ويضيف لنورث برس، أن “عدد العائدين وصل إلى ألف شخص في الرقة، وهم في تزايد، وقد بدأوا بتسجيل أسمائهم منذ اليوم”.
ويؤكد أن الهدف هو تقييم احتياجاتهم وتوجيه الخدمات الأساسية إليهم، وهم يعملون حالياً على تقييم احتياجاتهم الأولية، خاصة أن هناك عائلات لديها منزل لكنها تفتقد للمواد الأساسية، وهناك عائلات فقدت كل شيء.
وعن دخول المخيم، يقول المسؤول إن “الدخول إلى المخيم هو خيار اختياري” فمن لا يملك منزلاً أو أحداً يمكث عنده يكنه القدوم إلى المخيم.
صعوبات
وفي تصريح سابق لنورث برس، قال جوان ملا إبراهيم، عضو في خلية الأزمة، إنه “خلال اليوم الماضي تم تسجيل وصول 2690 شخصاً عبر معبر الطبقة، و1785 شخصاً من معبر التايهة”.
وأضاف أن هناك لبنانيين قد وصلوا أيضاً، حيث تم تسجيل دخول 6 أشخاص من معبر الطبقة و3 من معبر التايهة في منبج.
ويضح ملا إبراهيم أن التعامل مع اللبنانيين يتم بعد التأكد من هوياتهم، حيث يتم توجيههم إلى مراكز الإيواء تحت إشراف خلية الأزمة، ومن خلال حافلات خاصة توفرها الخلية، يتم نقلهم إلى مراكز الإيواء وتقديم المساعدات اللازمة والمتوفرة لهم.
وتطرق ملا إبراهيم إلى الصعوبات التي يواجهها العائدون القادمون من لبنان، أبرزها تتمثل في العراقيل على حواجز القوات الحكومية، إضافة إلى عدم قدرتهم على تحمل تكاليف السفر من لبنان إلى شمال شرقي سوريا.
وذكر أن ممثلة الإدارة الذاتية، وبالتنسيق مع رابطة “نوروز” (رابطة ثقافية كردية في لبنان)، تعمل على تأمين الحافلات لنقل اللاجئين إلى سوريا.
وذكر أن خلية الأزمة تعقد اجتماعات مع الإدارة الذاتية لتأمين حافلات وطرق للاجئين الذين وصلوا من لبنان إلى دمشق وحلب وحمص لإيصالهم إلى شمال وشرق سوريا، مشيراً إلى أن هذا الأمر لايزال قيد الدراسة.
وشدد ملا إبراهيم على أن الإدارة الذاتية جاهزة لاستقبال الجميع، ولكن الإمكانيات محدودة بسبب الحصار المفروض على المنطقة.
ودعا جميع المنظمات غير الحكومية والدولية العاملة في شمالي سوريا إلى تقديم الدعم لهؤلاء اللاجئين والنازحين العائدين.
نورث برس