مع فتح المدارس أبوابها للعام الدراسي الجديد في مناطق شمال وشرق سوريا، يواجه آلاف الطلبة للعام الخامس على التوالي شمالي مدينة الحسكة، مستقبلاً مجهولاً بسبب تدمير القصف التركي للكثير من المدارس.
فيما حرم مئات الطلبة من الالتحاق بمقاعد الدراسة بعدما تحولت مدارس قراهم إلى مراكز لإيواء النازحين الذين فروا من قراهم بعد سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها عليها.
يتخوف السكان المحليون في بلدة تل تمر (45 كم) شمالي الحسكة، على مستقبل أطفالهم الذين يواجهون شبح الأمية بعدما تحولت البلدة إلى خط تماس مع القوات التركية وفصائل المعارضة عقب اجتياحهم لمدينتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض أواخر عام 2019.
“محرومون من التعليم”
في قرية الركبة جنوبي تل تمر، لا تخفي السيدة الستينية زهية محمد مخاوفها حول مستقبل أطفالها وأحفادها بعدما باتوا بعيدين عن تعليمهم عقب تحول مدرسة القرية إلى ملجأ لإيواء النازحين.
وتقول بينما يلهو بعض الأطفال بالقرب منها “نحو 1500 طفل وطفلة من قريتنا متسربون ومحرومون من التعليم، وهذا يؤدي إلى نشوء جيل فاشل”.
وتضيف: “طالبنا بإخلاء المدارس وإيجاد مأوى آخر للنازحين، لكن لم يستجب أحد لمطالبنا، والآن يقضي معظم أطفالنا أوقاتهم في الشوارع”.
وتشدد محمد على أن ضعف إمكانياتهم المادية تحول دون إرسال أطفالهم إلى تل تمر أو مدينة الحسكة لاستكمال تعليمهم.
وفي قرية تل حفيان جنوبي البلدة، يشكو أحمد الفارس من غياب التعليم بينما أطفاله الـسبعة لا يعرفون الكتابة والقراءة حتى الآن.
ويقول الثلاثيني أمام محله لبيع اللحوم ضمن القرية “نعاني من مسألة التعليم، لدينا نحو 1200 طالب بالقرية بلا تعليم منذ خمس سنوات، فأنا لدي سبعة أولاد وأعمارهم تتجاوز ست سنوات وجميعهم لا يعرفون الكتابة والقراءة”.
ويضيف: “إذا استمر الوضع هكذا سيكون الوضع سيئاً”، مشيراً بأنهم لديهم مدرسة في القرية لكن يقطنها النازحون، بينما لم يوضع حل حتى الآن لإفراغها لاستكمال العملية التربوية.
ويقول “مدارس في القرى المجاورة أيضاً فيها نازحين ولا أستطيع تعليم أطفالي في مدارس بعيدة لارتفاع التكاليف المادية”.
ثلاثة آلاف طالب بلا تعليم
وخلال السنوات الماضية عملت إدارة المدارس في تل تمر على وضع عدد من الكرفانات (غرف مسبقة الصنع) بعدد من القرى كحل بديل عن المدارس، لكنها لم تكن حلاً ناجعاً لاستيعاب العدد الهائل من الطلبة.
وتسبب القصف التركي بتدمير نحو 20 مدرسة ما بين المدمرة كلياً أو جزئياً في منطقة تل تمر، وفق ما قاله خضر العليوي الرئيس المشارك لإدارة المدارس في تل تمر لنورث برس.
ويوضح العليوي أنه “نتيجة العدوان اللاإنساني للاحتلال التركي نزح الآلاف من قراهم وتوجهوا إلى مدارس تل تمر، هذه الاعتداءات على المدارس المدمرة وتلك التي شغلت المدارس حرمت ما يقارب ثلاثة آلاف طالب من حقهم الطبيعي في التربية والتعليم”.
ويشير إلى أنهم أصبحوا غير قادرين على استيعاب جميع التلاميذ وخصوصاً في المناطق الواقعة على خطوط التماس جراء القصف العشوائي المتكرر وبعد المسافة التي تحد من قدرة السكان لإيصال أطفالهم إلى المدارس الأخرى.
وينذر الوضع غير المستقر الذي تعيشه المنطقة، إضافة للوضع الاقتصادي السيء للبلاد عامة على قدرة السكان لإرسال أطفالهم إلى المعاهد الخاصة أو تخصيص معلمين، لتعلم ما يمكن تعلمه في ظل عدم إيجاد بدائل أخرى.
نورث برس