يعد القطن، الذي يسمى بالذهب الأبيض من قبل البعض، من بين المحاصيل الأكثر استراتيجية في العالم، وخاصةً في منطقة الشرق الأوسط، حيث تكمن أهميته في استخدامه في صناعة الملابس واستخراج الزيت من بذوره وعدة استخدامات أخرى.
وفي منطقة شمال وشرق سوريا، يعتمد العديد من المزارعين على زراعة القطن خلال موسم الصيف، ولكن يمتاز بالجفاف المتزايد، مما يزيد من حاجته المستمرة للمياه، إذ يصل عدد مرات ري محصول القطن في سوريا إلى أكثر من 12 مرة لضمان نمو الأزهار والبذور.
هذا العام يتخوف المزارعون من تكرار السيناريو مجدد، مما عزف بعضهم عن زراعة القطن بالكامل، بينما خفَّض آخرون المساحة المزروعة به خوفا من الخسائر. وذلك بالرغم من تأكيد مسؤولون في هيئة الزراعة بنية الإدارة الذاتية بشراء محصول القطن، دون تحديد سعر الشراء بعد.
هذا العام يتخوف المزارعون من تكرار السيناريو مرة أخرى، مما دفع بعضهم إلى العزف عن زراعة القطن بالكامل، بينما خفَّض آخرون المساحة المزروعة به خوفا من الخسائر. وذلك بالرغم من تأكيد مسؤولون في هيئة الزراعة بنية الإدارة الذاتية بشراء محصول القطن، دون تحديد سعر الشراء بعد.
تخفيض المساحة للنصف
يشعر إبراهيم جمعة (44 عاماً)، مزارع من قرية الداموك في ريف تل تمر شمالي الحسكة، بالقلق من تكرار الخسائر التي تكبدها العام الماضي، حيث أجبرته على خفض مساحة زراعة القطن واستثمار مبالغ أكبر في توفير الموارد اللازمة للزراعة.
وتكبّد جمعة خسارة تجاوزت 3 آلاف دولار أمريكي في الموسم الماضي بعد اضطراره لبيع محصوله بـ 350 دولار للطن الواحد. وقلل من المساحات المزروعة هذا الموسم من 20 دونم إلى 12 دونم، خوفاً من تكرار الخسارة مرة أخرى.
ويقول “العام الماضي زرعت 20 دونماً من محصول القطن في أرضي، وكنا متأملين ببيعه بسعر جيد، ولكن الإدارة الذاتية سعرته بـ 800 دولار ولكن بعناه للتجار بمبلغ يتراوح بين 300 – 400 دولار”.
ويضيف لنورث برس “في حال تكرار ما حصل في الموسم السابق، فسأفقد القدرة على الزراعة مرة أخرى، فنحن قللنا مساحة الأرض المزروعة بالقطن خوفاً من تكرار ما حصل سابقاً، ومحاولة تعويض خسارة العام السابق”.
ويطالب الإدارة الذاتية بشراء المحصول هذا العام وعدم “السماح للتجار بالتحكم بهم واستغلالهم”.
وتبلغ مساحة الاراضي المرخصة لزراعة القطن من قبل الإدارة الذاتية 375 ألف دونم، ولكن لا توجد إحصائية بنسبة المساحات المزروعة هذا العام. وفقاً لهيئة الزراعة في مقاطعة الجزيرة.
خسائر فادحة
محمد موسى (32 عام)، مزارع من قرية تل فيضة بريف تل تمر الجنوبي أيضاً، هو كسابقه كان قد زرع 20 دونماً من القطن العام الماضي، ودفع تكاليف زراعتها مبلغ حوالي 2500 دولار، إلا أنه ولم يحصّل سوى 1000 دولار من بيع محصوله.
يقول: “زرعت العام الماضي مساحة 20 دونم من القطن، وعدا عن مصروف زراعته كان هناك مصاريف باهظة أخرى كشراء المازوت من السوق الحرة، وأعطال المحرك، التي كلفتني أكثر من 1000 دولار أمريكي، وفي النهاية قامت الإدارة بتسعير القطن ب 800 دولار دون شراءه، واضطررت لبيعه بأقل من نصف المبلغ، وصلت خسارتي لـ 2000 دولار أمريكي”.
ويسترسل “لم أزرع سوى دونمين ونصف، خوفاً من تكرار ما حصل العام الماضي، بالأخص بعد ازدياد تكاليف الانتاج، كشراء البذار والسماد والمازوت من السوق الحرة الذي يتجاوز سعر برميله الواحد مليون ليرة سورية”.
مصروف باهظ
خضر سلمان (62 عام) كغيره من مئات المزارعين الذين خفضوا مساحة زراعتهم للقطن هذا العام، قام بزراعة 8 دونم فقط هذا العام، بعد خسارة كبيرة تكبدها العام الماضي بعد جني محصول القطن وعدم بيعه بالسعر المناسب الذي يتناسب مع مصروفه الباهظ.
المزارع الستيني يقول لنورث برس بأن مصروف زراعة القطن تختلف تماماً عن زراعة المحاصيل الأخرى كالقمح والشعير، حيث يحتاج للمياه بكثرة.
ويضيف: “اشترينا البذار بـ 2 دولار أمريكي للكيلو غرام الواحد، بالإضافة إلى اضطرارنا لشراء المازوت من السوق الحرة، حيث تحتاج كل عملية ري للمحصول لحوالي برميل من المازوت”.
ويأمل المزارعون الذين قابلتهم نورث برس في تحقيق أرباح أفضل هذا العام مع قرار الإدارة الذاتية شراء القطن، ويطالبون بضرورة تحديد أسعار عادلة تعكس التكلفة الحقيقية للإنتاج.
نورث برس