ما زالت درعا وريفها، جنوبي سوريا، تشهد فلتاناً أمنياً مستمراً بين الفينة والأخرى مثل وقوع اشتباكات وانفجارات وعمليات اختطاف وغيرها، بين القوات الحكومية بأفرعها الأمنية وفصائل وعصابات تتبع لهم وبين جهات أخرى أحياناً، وذلك رغم مرور عدة أعوام على سيطرة الحكومة على المنطقة.
وتأكيداً على حالة الفلتان الأمني وصراع النفوذ في درعا، شهدت مدينة الصنمين بريف درعا الشمالي اشتباكات وعمليات تفجير دامية راح ضحيتها سبع وعشرون شخصاً بينهم عشرة أطفال وامرأة في صراع تجدد الأحد الماضي بين مجموعتين تابعتين للأفرع الأمنية في القوات الحكومية.
المدنيون هم الضحية
وقالت مصادر محلية، لنورث برس، إن الاشتباكات اندلعت الأحد الماضي بعد هجوم شنته مجموعة محسن الهيمد التابعة لفرع الأمن العسكري في القوات الحكومية على مجموعة أحمد جمال اللباد الملقب بالشبط التابعة لفرع أمن الدولة في القوات الحكومية أيضاً.
وأضافت المصادر أن مجموعة الهيمد قامت بالجهوم على مقرات مجموعة الشبط في حي الجورة جنوب المدينة وأدى الهجوم إلى اشتباكات استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة و قواذف RBG بين عناصر المجموعتين، وإلى مقتل والد الشبط وشقيقته وابنه وشقيقيه وعمه مع اثني عشر عنصراً من مجموعته.
وذكرت المصادر أن “شقيقيي الشبط الطفلين عمر ومحمود قتلا مع جدهما جمال اللباد حرقاً بعدما أقدمت مجموعة الهيمد بإحراق المنزل وهم بداخله، كما تم تصفية شقيقة الشبط بعد محاولتها إسعاف والدتها المصابة”.
وتابعت أن عناصر مجموعة الشبط الذين قتلوا تم تصفية غالبيتهم بطلقة في الرأس في عملية إعدام ميداني بعد أسرهم حسب ما شوهد في مقاطع فيديو بثتها مجموعة الهيمد.
والسبت الماضي، قتل سبعة أطفال نتيجة انفجار عبوة ناسفة كانت مزروعة بجانب منزلهم، وتبادلت مجموعتا الهيمد والشبط المسؤولية عنها، وفي 8 شباط/فبراير الماضي أيضاً، حصلت في المدينة اشتباكات بين ذات المجموعتين راح ضحيتها امرأة وخمسة عناصر.
“فتنة مدبرة”
يرى العميد منير الحريري، المُنشقّ عن القوات الحكومية والمُقيم في الأردن، أن للحكومة دور في الأحداث الأخيرة التي وفعت في مدينة الصنمين، لأن الطرفيين المتصارعين كلاهما تابعان لها.
ويقول لنورث برس: “بما أن الطرفيين محسوبان على النظام فهي لعبة من النظام الهدف منها هو إحداث فتنة فهم موجهون لإحداث هذا الاقتتال والإيقاع بضحايا”.
ويضيف: “الهميد كان من داعش ومحسوب على الحكومة وهو من يحميه، وذلك لأن الطبقة الوسطى من داعش هم من مخابرات الحكومة أو لديهم توجيهات منها”.
ويحمل العميد المنشق الحكومة بفروعها الأمنية المسؤولية، فعلى حد تعبيره أنها المستفيدة من هذه الفوضى لخلق الفتنة، وذلك لعدم قدرتها على السيطرة على درعا بشكل كامل.
ويشير الحربري إلى وجود مساعي ووساطة من رجال الدين ومن الوجهاء من درعا “لرأب الصدع، ولكن الحكومة تمنع تدخلهم لإبقاء الفتنة، فهي تحاول السيطرة على المنطقة من خلال عصابته ودعها لأفراد معينين لخلق الفتن وزعزعت النفوس”.
صراع نفوذ
يقول الباحث والصحفي حسام البرم، المقيم في فرنسا، لنورث برس، إن “السبب الرئيسي للاشتباكات في مدينة الصنمين هو صراع على نفوذ المجموعتين”.
ويضيف البرم أن “حرب النفوذ تعدت المجموعتين حتى وصلت إلى داعميهما، حيث كانت مجموعة الشبط التابعة لأمن الدولة محسوبة سابقاً على روسيا، وبعد أن قل النفوذ الروسي في الجنوب السوري، قل دعمهم لهذه المجموعة لذلك أصبحت الأخيرة ضعيفة وبلا دعم قوي”.
ويشير إلى أن “فرع الأمن العسكري في درعا لا يريد أن يبقى أي منافس له في المنطقة، وخصوصاً على المكاسب المتعلقة بتجارة المخدرات، ويحاول أن يستأصل أي مجموعة بالكامل كما حدث في مدينة الصنمين”.
ويرى الباحث أن التوتر سوف يستمر في المدينة، لأنه يوجد مجموعة تعتبر نفسها منتصرة وتريد أن تلاحق المجموعة الأخرى حتى تقضي عليها بشكل مطلق ولديها ضوء أخضر من الحكومة، على الرغم من “المجزرة التي ارتكبتها”.
ويحمل الباحث القوات “الحكومة السورية المسؤولية الكاملة عما يحصل في مدينة الصنمين، لأن مجموعة الهيمد تحمل عقود وبطاقات أمن عسكري والأمن العسكرية تابع للحكومة”.
نورث برس