وثّقت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الدولية “هيومن رايتس ووتش”، الاثنين، إن السلطات التركية اعتقلت واحتجزت ورحّلت بشكل “تعسفي” مئات اللاجئين السوريين إلى سوريا خلال النصف الأول من العام الجاري، فيما طلبت من المفوضية الأوربية بعدم اعتبار تركيا بلد آمن لللاجئين.
ونقلت المنظمة عن عشرات المرحلين أو المهددين بالترحيل قولهم، إن المسؤولين الأتراك اعتقلوهم من منازلهم وأماكن عملهم وفي الشوارع واحتجزوهم في ظروف سيئة وضربوا معظمهم وأساءوا إليهم، وأجبروهم على التوقيع على استمارات العودة الطوعية والعبور تحت تهديد السلاح.
وشمل الانتهاك الذي مارسته السلطات التركية الأطفال غير المصحوبين بذويهم، وأجبرتهم على العودة إلى شمال سوريا، المكان الذي يواجه سياسة تغيير ديموغرافي بمخطط تركي ولا سيما بعد سيطرتها على مناطق واسعة تمتد من عفرين إلى سري كانيه/ رأس العين.
وقالت رايتس ووتش في تقريرها، إن ما جرى بحق اللاجئين يأتي في غضون الدلائل الأخيرة من تركيا وحكومات أخرى إلى أنها تفكر في تطبيع العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد، حيث أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه يعتزم إعادة توطين مليون لاجئ في شمالي سوريا.
وقال جميع من تمت مقابلتهم هاتفياً أو شخصياً مع المنظمة، إن السلطات التركية أجربتهم على التوقيع على استمارات إما في مراكز الترحيل أو على الحدود مع سوريا.
وقالوا إن المسؤولين لم يسمحوا لهم بقراءة الاستمارات ولم يوضحوا ما ورد فيها، لكن جميعهم أشاروا إلى إنهم فهموا فحواها أنها تؤكد موافقتهم على العودة الطوعية إلى سوريا.
ونقلت المنظمة عن آخرين قالوا إنهم رأوا مسؤولين أتراك يضربون رجالاً رفضوا التوقيع في البداية، قبل أن يدركوا أن ليس لديهم خيار آخر.
وبحسب المنظمة الحقوقية فقد نُقِل المبعدون إلى الحدود من مراكز الترحيل في رحلات تصل إلى 21 ساعة، مكبّلي الأيدي طوال الطريق. وقالوا إنهم أُجبِروا على عبور نقاط التفتيش الحدودية إما عند أونغو بينار/ باب السلام أو سيلفيغوزو/ باب الهوى، المؤديان إلى مناطق غير خاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا.
ولفت التقرير إلى أن السوريين باتوا على مدى العامين الماضيين، عرضة الهجمات العنصرية، بالتزامن مع تعهدات الحزب الحاكم في تركيا بإعادة توطين السوريين في المناطق التي تسيطر عليها تركيا في شمالي سوريا.
وقال جميع الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش، إن المسؤولين الأتراك في مراكز الترحيل إما اعتدوا عليهم أو هم شاهدوا مسؤولين يركلون أو يضربون سوريين آخرين بأيديهم أو بهراوات خشبية أو بلاستيكية.
وتقول المنظمة إن تركيا طرف في “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسية” (العهد الدولي) و”الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان” (الاتفاقية الأوروبية)، وكلاهما يحظران الاعتقال والاحتجاز التعسفيين والمعاملة اللاإنسانية والمهينة.
وشددت المنظمة على أنه لا يجوز لتركيا استخدام العنف أو التهديد بالعنف أو الاحتجاز أو إكراه الناس على العودة إلى أماكن يواجهون فيها خطراً، وحثت السلطات على عدم احتجاز الأطفال لأسباب تتعلق فقط بوضع الهجرة الخاص بهم أو مع بالغير من غير أقاربهم.
ومن اللافت إنه العدد الهائل للاجئين السوريين في تركيا لم يكن مجاناً، بل استلمت تركيا مليارات الدولارات من الإتحاد الأوبي لقاء تأمين مأوى ومعونات لهم، حسب ما أشار إليه التقرير الحقوقي.
وفي ختام التقرير، وجهت المنظمة عدة توصيات إلى الحكومة التركية، على رأسها إنهاء عمليات الاعتقال والاحتجاز والترحيل التعسفية للاجئين السوريين إلى شمالي سوريا وضمان عدم استخدام العنف ضدهم، فضلاً عن التحقيق بشكل مستقل في الإجراءات الرامية إلى فرض أو خداع أو تزوير توقيع أو بصمات المهاجرين على استمارات العودة.
كما دعت للسماح لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالوصول بحرية إلى مراكز الترحيل، ومراقبة عملية الحصول على إذن من السوريين بإعادتهم إلى سوريا للتأكد من أنها طوعية.
وفي بنود أخرى موجهة إلى المفوضية الأوربية، طلبت هيومان رايتس ووتش الإيضاح علناً أن تركيا ليست بلداً ثالثاً آمناً بموجب المعايير المنصوص عليها في المادة 38 من “توجيه الاتحاد الأوروبي المعني بإجراءات اللجوء”.
– نورث برس